سورة مريم - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


قوله تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} فيه قولان:
أحدهما: أن إدريس رفع إلى السماء الرابعة، وهذا قول أنس بن مالك في حديث مرفوع، وأبي سعيد الخدري، وكعب، ومجاهد.
الثاني: رفعه إلى السماء السادسة، قاله ابن عباس، والضحاك، وهو مرفوع في السماء.
واختلفوا في موته فيها على قولين:
أحدهما: أنه ميت فيها، قاله مقاتل وقيل أنه مات بين السماء الرابعة والخامسة.
الثاني: أنه حيّ فيها لم يمت مثل عيسى. روى ابن إسحاق أن إدريس أول من أُعْطِي النبوة من ولد آدم وأول من خط بالقلم، وهو أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوش بن شيث بن آدم. وحكى ابن الأزهر عن وهب بن منبه أن إدريس أول من اتخذ السلاح وجاهد في سبيل الله وسبى، ولبس الثياب وإنما كانوا يلبسون الجلود، وأول من وضع الأوزان والكيول، وأقام علم النجوم، والله أعلم.


قوله تعالى: {خَرّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً} أي سُجّداً لله، وبكياً جمع باك، ليكون السجود رغبة والبكاء رهبة. وقد روي في الحديث: «فَهذَا السُّجُودُ فَأَينَ البُكَاءُ؟» يعني هذه الرغبة فأين الرهبة؟ لأن الطاعة لا تخلص إلا بالرغبة والرهبة.


قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} الآية. في الفرق بين الخلْف بتسكين اللام والخلف بتحريكها وجهان:
أحدهما: أنه بالفتح إذا خلفه من كان من أهله، وبالتسكين إذا خلفه من ليس من أهله.
الثاني: أن الخلْف بالتسكين مستعمل في الذم، وبالفتح مستعمل في المدح قال لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم *** وبقيت في خلفٍ كجلد الأجْرب
وفي هذا الخلف قولان:
أحدهما: أنهم اليهود من بعد ما تقدم من الأنبياء، قاله مقاتل. الثاني: أنهم من المسلمين.
فعلى هذا في قوله {من بَعْدِهِم} قولان:
أحدهما: من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، من عصر الصحابة وإلى قيام الساعة كما روى الوليد بن قيس حكاه إبراهيم عن عبيدة.
الثاني: إنهم من بعد عصر الصحابة. روى الوليد بن قيس عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَكُونُ بَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً {خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ}». الآية.
وفي إضاعتهم الصلاة قولان:
أحدهما: تأخيرها عن أوقاتها، قال ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز.
الثاني: تركها، قاله القرظي.
ويحتمل ثالثاً: أن تكون إضاعتها الإِخلال باستيفاء شروطها.
{فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أنه واد في جهنم، قالته عائشة وابن مسعود.
الثاني: أنه الخسران، قاله ابن عباس.
الثالث: أنه الشر، قاله ابن زيد.
الرابع: الضلال عن الجنة. الخامس: الخيبة، ومنه قول الشاعر:
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره *** ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً
من يغو: أي من يخب.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9